منوعات

زار مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان ضريح الرئيس الشهيد رفيق الحريري في وسط بيروت وبعد قراءة الفاتحة وإهداء ثوابها لروح الرئيس الشهيد ورفاقه الأبرار

زار مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان ضريح الرئيس الشهيد رفيق الحريري في وسط بيروت وبعد قراءة الفاتحة وإهداء ثوابها لروح الرئيس الشهيد ورفاقه الأبرار، قال مفتي الجمهورية:

هي الأحداث تفرض ذِكراه وما أكثرها وما أغزرها، وتردد اسمه مع كل حدث ومع مطلع كل شمس، إنه رفيق الحريري. من كان رفيقاً للوطن لا يمله ولا يهجره، يعيش حلوه ومره، والأمرّ، أن يكون منه ولا يكون فيه، يعيشه في كل لحظة وفي كل ساعة وفي كل يوم. لبنان، كان نبض حياته، هاجسه وشاغل باله، فما بالكم إذا كانت الحياة لا تتوقف في لبنان، ما بالكم إذا كانت ساعة الزمن تترافق مع طلوع الشمس وغروبها، وتأخذ معها اللبنانيين في دورة الحياة.

نستفقده، نستذكره في هذه الأيام، نحتاجه، نعم كثيراً نستفقده، وكثيراً نستذكره، ونحتاج اليه أكثر، نحتاج الى حضوره، الى سعة صدره، تفهمه، حيويته، مبادراته، جرأته، أندفاعه، يقظته، إنسانيته، وطنيته، تواضعه، قدراته اللأمتناهية، صبره وقوة بصيرته، احتواءه لبنان، كل لبنان، للبنانيين كل اللبنانيين.

لقد اتسع قلبك يا دولة الرئيس الشهيد لكل لبناني، احتوى لنبان كله، فما كنت لفئة، ولا لطائفة، ولا كنت لجماعة ولا لمنطقة، كنت للجميع، أعدت للبنان إشراقه وبهاءه، أزلت آثار الدمار والخراب عن وجهه، وصلت الشمال بالجنوب، والجبل بالبقاع، وجعلت بيروت، من جديد، عاصمة منيرة ومضيئة، قبلة الأنظار، ساحة للتواصل والحوار، والآن نبحث عن لبنان، يا دولة الرئيس الشهيد، فلا نجده، نبحث عن بيروت التي أكلتها الحرائق، وابتلعها الأعصار، فلا نجدها، أزال معالمها الحقد، غطى سماءها الدخان، وغابت عنها الشمس، ورحل عنها القمر، ودخلت عالم النسيان.

 

هدموا بيروت، يا دولة الرئيس، بيروت التي أعدت بناءها وإعمارها ورددتها إلى أهلها وللوطن، وحملتها إلى العالم وحملت العالم إليها، بفخر وإعتزاز، هدموها، أشعلوا النيران فيها، جعلوها رماداً، وتركوها، استغنوا بوجوههم عنها، وبات العالم يسأل عنها وعنا، ولا من يجيب، يا دولة الرئيس، ما من مجيب، ترك اللبنانيون لمصيرهم، وترك لبنان لقدره، ما عاد أحد يسأل، ولا أحد يتجرأ على السؤال، أضاعوا الوطن، هدّموا الاقتصاد، فرطوا بالامانة، أشاعوا الفوضى وتركوا الناس في حالة ضياع، لا أمن ولا أمان، ولا راع ولا رعاة، ما همهم، والناس، الناس تكتوي من القهر والجوع وذل السؤال، هل تصدق، اللبنانيون، يلهثون وراء لقمة عيشهم، يستعصي الأمر على التصديق، ولكنها الحقيقة المرة، وقد يكون كل ذلك مقبولاً، أيعقل ذلك، ولكن ألا تجد من يسأل، من لا يسمع أنين الناس، من لا يرى دموع المفجوعين والمتألمين، فأمر لا يصدق، هي مأساة ما بعدها مأساة، ماذا يعمل اللبنانيون مع فقدان البصيرة، نعم، يا دولة الرئيس، نحن في حالة فقدان البصيرة.

        غدروا بك وقتلوك، يا دولة الرئيس، من اغتالك أراد أغتيال لبنان، وهم الآن يمعنون في قتله واغتياله ومحاصرة شعبه من خلال إعاقة تشكيل الحكومة الانقاذية البعيدة عن كل الأهواء والمحاصصات الخارجة عن مصلحة لبنان وشعبه وما يعانيه لبنان واللبنانيون الآن من خوف وقلق وشبح الاغتيالات الآثمة والمحرمة والتي يمكن في حال استمرارها أن تؤدي الى إلغاء مقومات هذا الوطن ويصبح في خبر كان.

        إننا نسلّم أمرنا، أمر اللبنانيين وأمر الناس الى الله العلي القدير، هو أعلم بحالنا، به نستغيث، واليه نرفع أكف الضراعة. حسبنا الله ونعم الوكيل.