مصر بين الوطن والسكن: الفرق في الانتماء والولاء بقلم . نادي عاطف
تُعد مصر بالنسبة للمصريين وطنًا بكل ما تحمله الكلمة من معانٍ سامية؛ فهي الأرض التي ارتبطوا بها وجدانيًا، تاريخيًا، وثقافيًا. الوطن ليس مجرد مساحة جغرافية، بل هو الهوية والانتماء والجذور التي تمتد عبر التاريخ، وهو الحضن الذي يظل الإنسان متعلقًا به مهما باعدت بينهما المسافات.
ومع ذلك، هناك من يتعامل مع مصر وكأنها مجرد سكن، أي مكان إقامة مؤقت، يمكن العيش فيه دون ارتباط عاطفي أو إحساس بالمسؤولية تجاهه. هذا الفرق الجوهري بين من يرى مصر وطنًا ومن يراها مجرد سكن يظهر في السلوكيات والمواقف، وخاصة عندما تتعلق المسألة بمصلحة البلاد وأمنها واستقرارها.
الفرق بين الوطن والسكن
1. الوطن: هو المكان الذي يشعر فيه الإنسان بالأمان والانتماء، ويضحي من أجله. المواطن الحقيقي يرى مصلحة الوطن فوق كل اعتبار شخصي أو فئوي، ويدافع عنه في الأزمات، ويشارك في بنائه ونهضته.
2. السكن: هو مجرد مكان للإقامة دون ارتباط وجداني. الشخص الذي يرى بلده كسكن قد يتعامل معه وكأنه محطة مؤقتة، يبحث فيها عن مصالحه الشخصية فقط، وقد يرحل متى سنحت له الفرصة دون أن يشعر بالخسارة.
الإخوان والسلفيون: نظرة أيديولوجية
برزت هذه الفجوة بشكل واضح في فكر بعض الجماعات، مثل الإخوان المسلمين والتيار السلفي، حيث طغت الأيديولوجيا على الانتماء الوطني. تمحور فكر هذه الجماعات حول الولاء للأيديولوجيا الدينية والسياسية بشكل أكبر من الولاء للوطن نفسه، مما دفعهم في أحيان كثيرة لتغليب مصلحة الجماعة على مصلحة الدولة.
فقد رأينا خلال فترات مضطربة في تاريخ مصر، كيف قدمت بعض التيارات مصلحة التنظيم والولاء لفكر معين على حساب استقرار الدولة وأمنها، مما أثار قلقًا واسعًا بشأن مفهوم الوطنية والانتماء الحقيقي.
لماذا يجب الحذر؟
1. تهديد الوحدة الوطنية: التعامل مع مصر كسكن قد يؤدي إلى تقسيم المجتمع على أسس أيديولوجية ودينية، مما يهدد وحدة الصف الوطني.
2. تقديم المصالح الخاصة: الجماعات التي لا ترى الوطن كوطن قد تقدم مصالحها الضيقة على حساب المصلحة العامة.
3. ضعف الالتزام الوطني: غياب الإحساس بالوطنية قد يترجم إلى ضعف الالتزام بالقوانين وعدم المساهمة الفاعلة في تنمية البلاد.
تعزيز مفهوم الوطن
التثقيف والتوعية: يجب على المؤسسات التعليمية والإعلامية التركيز على غرس قيمة الوطن والانتماء في الأجيال الناشئة.
العدالة والمساواة: العدالة الاجتماعية تساهم في تعزيز الشعور بالانتماء، لأن المواطن يشعر بأن وطنه يحمي حقوقه ويوفر له فرصًا متساوية.
الاندماج والتعددية: احترام التعددية الدينية والفكرية داخل إطار الوطن يعزز الوحدة الوطنية ويمنع استغلال الدين أو الفكر السياسي لتقسيم المجتمع.
مصر وطن للجميع، والانتماء لها يجب أن يتجاوز المصالح الضيقة والانتماءات الفكرية. الحفاظ على الوطن واجب مقدس، يتطلب وعيًا وحذرًا من كل من يحاول التعامل معه كمجرد سكن أو محطة مؤقتة. الوطنية الحقيقية تعني الولاء للأرض والناس، والعمل من أجل تقدم ورفعة البلاد دون شروط أو أجندات خفية.